سوق العقارات الصيني يواجه تحديات رغم الإجراءات الحكومية

9

يعاني سوق العقارات الصيني من تباطؤ وانخفاض في أسعار المنازل الجديدة، وذلك بسبب ضعف الطلب والإفراط في العرض والقيود الائتمانية والتنظيمية.

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية لدعم السوق وتحفيز النمو، فإن الآفاق لا تزال غير مشجعة، ويتوقع الخبراء استمرار الضغوط السلبية على القطاع العقاري في العام الحالي.

البيانات تؤكد الاتجاه الهبوطي

وفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية الصيني، تباطأت وتيرة انخفاض أسعار المنازل الجديدة في الصين على أساس شهري في يناير كانون الثاني، إذ شهدت المدن الكبرى بعض الاستقرار، لكن الاتجاه الهبوطي على المستوى الوطني لا يزال قائماً.

وتراجعت أسعار المنازل الجديدة 0.3% على أساس شهري الشهر الماضي، مقابل انخفاض بنسبة 0.4% في ديسمبر كانون الأول.

وعلى مستوى 70 مدينة تم استطلاع أوضاعهم من قبل مكتب الإحصاءات الوطنية، شهدت شنغهاي أكبر زيادة على أساس شهري على مستوى أسعار المنازل بواقع 0.4%.

كما انخفض عدد المدن الصينية التي شهدت تراجعاً في أسعار المنازل، لكن إجمالي السوق لا يزال في اتجاه هبوطي بشكل عام إذ أن ثقة المشتريين لا تزال ضعيفة للغاية.

أما على أساس سنوي، تراجعت أسعار المنازل الصينية 0.7% في أكبر وتيرة انخفاض في 10 أشهر.

الحكومة تتخذ إجراءات لدعم السوق

تواجه الحكومة الصينية تحدياً كبيراً في موازنة بين تحقيق الاستقرار في سوق العقارات ومنع تكوين فقاعة عقارية.

ولهذا السبب، تكثف الحكومة من الإجراءات الرامية لوقف الانكماش العقاري، بما في ذلك مطالبة البنوك المملوكة للدولة بتعزيز الإقراض للمشاريع السكنية، وتخفيض معدلات الفائدة، وتقديم حوافز ضريبية، وتوسيع نطاق برامج الإسكان الاجتماعي.

كما اتجهت المزيد من المدن الكبرى بما في ذلك شنغهاي نحو تخفيف القيود على الشراء لجذب مشتري المنازل، وخاصة الشباب والمهاجرين الداخليين.

وتهدف هذه الإجراءات إلى تحسين الطلب على العقارات وتخفيف الضغط على المطورين العقاريين الذين يعانون من ارتفاع مستويات الديون والمخزونات.

الآفاق لا تزال غير مشجعة

رغم الإجراءات الحكومية، فإن الآفاق لسوق العقارات الصيني لا تزال غير مشجعة، ويتوقع الخبراء استمرار الضغوط السلبية على القطاع العقاري في العام الحالي.

ومن بين العوامل التي تؤثر على السوق، نذكر:

الإفراط في العرض:

يوجد في الصين حوالي 65 مليون وحدة سكنية فارغة، وهو ما يعادل نحو 22% من إجمالي الوحدات السكنية في البلاد.

ويعود هذا الوضع إلى الاستثمار الزائد في القطاع العقاري في السنوات السابقة، والتي شهدت نمواً هائلاً في الطلب والأسعار.

ويؤدي هذا الإفراط في العرض إلى تقليل الحاجة إلى بناء المزيد من المنازل، وبالتالي تقليل النشاط الاقتصادي والتوظيف في القطاع العقاري والقطاعات المرتبطة به.

القيود الائتمانية والتنظيمية:

تواجه الحكومة الصينية صعوبة في توفير السيولة الكافية للسوق العقاري، وذلك بسبب القيود الائتمانية والتنظيمية التي تفرضها على البنوك والمطورين العقاريين والمشترين.

وتهدف هذه القيود إلى منع تكوين فقاعة عقارية والحد من المخاطر المالية والاجتماعية المرتبطة بها.

ومن بين هذه القيود، نذكر: الحد الأدنى لنسبة الدفعة الأولى، والحد الأقصى لعدد الوحدات السكنية التي يمكن شراؤها، والحد الأقصى لمدة القرض، والحد الأقصى لنسبة الدين إلى الدخل، والحد الأقصى لنسبة الدين إلى القيمة.

وتؤدي هذه القيود إلى تقليل الطلب: تواجه الصين مشكلة في تحفيز الطلب على العقارات، وذلك بسبب تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتراجع الدخل القابل للتصرف والتوقعات السلبية للمستهلكين.

وتؤثر هذه العوامل على قدرة ورغبة المشترين في شراء المنازل الجديدة أو القديمة. وبالإضافة إلى ذلك، تواجه الصين مشكلة في توفير الإسكان المناسب للشباب والمهاجرين الداخليين، اللذين يشكلان الجزء الأكبر من الطلب المحتمل على العقارات.

وتعتبر الأسعار المرتفعة والقيود الشرائية والمتطلبات الائتمانية من العوائق التي تحول دون تحقيق هذا الطلب.

العوامل السياسية والاجتماعية:

تواجه الصين أيضا بعض العوامل السياسية والاجتماعية التي تؤثر على سوق العقارات، مثل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة والاحتجاجات في هونغ كونغ والتوترات مع تايوان والهند والوباء العالمي لفيروس كورونا.

وتؤدي هذه العوامل إلى خلق بيئة غير مستقرة وغير مؤكدة، تقلل من الثقة في السوق وتزيد من المخاطر المرتبطة بالاستثمار في العقارات.

قد يعجبك ايضا